الاعتراض من واقع العمل الشيطاني
المغالطة المنطقية التي قد تنطبق على الادعاء بأن تجارب الخروج من الجسد هي من عمل الشياطين هي نداء للجهل (appeal to ignorance). تحدث هذه المغالطة عندما تقوم الحجة على عدم وجود دليل، وليس على وجود دليل.
في هذه الحالة، فإن الادعاء بأن تجارب الخروج من الجسد هي من عمل الشياطين يفترض أنه لا يوجد تفسير آخر لهذه التجارب، وبالتالي، يجب أن تكون الشياطين هي السبب. تتجاهل هذه الحجة احتمال وجود تفسيرات طبيعية أو علمية لتجارب الخروج من الجسد.
يعتمد الادعاء بأن تجارب الخروج من الجسد من صنع الشياطين أيضًا على معتقدات خارقة للطبيعة أو دينية، والتي قد لا يقبلها الجميع. يفترض أن الشياطين حقيقية ولديها القدرة على التأثير على التجارب البشرية بهذه الطريقة المتطرفة، دون تقديم أي دليل يدعم هذا الادعاء.
هذا النوع من الاعتراضات الشكوكية ليس قائم على أي أدلة حقيقية، بل افتراضات لا اثبات عليها أو مبرر، ويذكرني ذلك كثيراً بحجة شيطان ديكارت[1] وفلسفة هيوم الشكوكية، لذا فهي لا تستحق الرد عليها بقدر ما تستحق البحث والتعمّق في مدى إمكانيتها، إذا أردنا للحظة تصديق ذلك، بأن لعقولنا القدرة على خداعنا بهذه الطريقة، كيف لنا عندها أن نعرف بأن أي شيء نراه أو نشعر به حقيقي؟ كيف تعرف الآن بأنك لا تحلم؟ كيف يمكن لك أن تعرف بأننا الآن في العالم الحقيقي وليست عقولنا تخدعنا وتخلق لنا كل هذا العالم المادي بينما نحن في عالم آخر؟، كيف تعرف الآن بأن دماغك ليس مرتبط بمجموعة من الأسلاك (كما في فلم الخيال العلمي المصفوفة[2]) وتزود عقلك بمغذيات حسية لخلق الإحساس بوجود هذا العالم المادي وتفاعلك معه؟ كيف تعرف بأنك لست في برنامج حاسوب أو محاكاة للأسلاف؟ أيضاً كيف تعرف بأن الكيان الشرير الذي ينتظرك عند الخروج من جسدك ليوحي لك كامل تجربتك لا يعمل عند عودتك إليه؟ نعم هذا ما أقصده تماماً ستجد جميع تلك الفرضيات ممكنة من الناحية المنطقية، ولكن كون الشيء قابل الوجود منطقياً لا يعني أنه حقيقي أو موجود.
Comments