الشامانية
من الأدلة المتاحة أيضاً يمكن لنا القول إن تجارب الخروج من الجسد كانت لدى البشر القدماء كانت مرتبطة بالشامان أو القادة الروحيين الآخرين، كما تم استخدامها في ممارسات الشفاء والعرافة. والشامانية هي ممارسة روحية يُعتقد أنها نشأت في عصور ما قبل التاريخ ولا تزال تمارس في مختلف الثقافات حول العالم، وهي تنطوي على استخدام حالات الوعي المتغيرة، مثل النشوة أو تجارب الخروج من الجسد، للتواصل مع الكائنات أو القوى الروحية ولعلاج أو إحداث تغيير في المجتمع. يُعتقد أن مصطلح "شامان" نشأ من شعب تونجوسيك في سيبيريا ويستخدم لوصف الشخص الذي يعمل كمعالج روحي ووسيط ومستشار داخل مجتمع تقليدي، من خلال القراءة في التراث الشاماني في سيبيريا[1]، نجد أنّ القبائل البدائية كانت تمارس الخروج من الجسد، حيث كان يدخل الشامان في حالة نشوة أثناء إحدى الطقوس، وذلك للوصول إلى العالم الروحي والقدرة على التواصل مع الأرواح أو الآلهة من أجل اكتساب البصيرة أو التوجيه أو إحداث التغيير، أو ليكون وسيطاً بين تلك القوى وبين قبيلته، وللوصول إلى الحالة العقلية التي يتمكن من خلالها من مغادرة جسده كان يتم استخدام أساليب من بينها الإيقاع[2] وخاصةً الطبول، حيث كان يُطلب من المسافر الشاماني التركيز بعقله على قرع الطبول للوصول إلى حالةٍ من النشوة التي تقود الشامان إلى مكانٍ يسمى "العالم الأوسط"، وهو عالمٌ متطابق مع عالمنا الحقيقي على ما يبدو، ولذلك قد يشعر المسافر أن شيئاً لم يتغير، ولكن القوانين الطبيعية مختلفةٌ في ذلك العالم، فعند القفز مثلاً قد يجد المسافرون أنهم يواصلون الصعود في الهواء دون العودة إلى الأرض، وبمجرد أن يدرك المسافر الشاماني أنه في العالم الأوسط، يجب عليه البحث عن دليل الشامانية أو الطوطم (TOTEM)، والشكل للطوطم هنا يعتمد على تصوّرات المسافر للشكل الذي تتجسد فيه الحكمة، فقد يكون الدليل على هيئة رجلٍ حكيمٍ أو حيوانٍ أو على هيئة شخصيةٍ من فلمٍ أو رواية، ويساعد الطوطم ذلك المسافر في العثور على البوابة التي يختلف شكلها بناءً على التقاليد المختلفة في الشامانية، وتكون البوابة عادةً على شكل شجرةٍ أو بابٍ أو مدخل كهف، وبمجرد عثور المسافر عليها يدخل عبرها ويكتشف طريقاً للصعود أو الهبوط، وبمساعدة الطوطم سوف يقرر أي طريقٍ يسلكه وأي عالمٍ يزوره لاستقاء المعرفة التي يسعى لها أو تحقيق التأثير المطلوب.[3] إنّ الشامانية لها تاريخ طويل ومعقد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعتقدات والممارسات الروحية ليس فقط للعديد من الثقافات القديمة، بل لا تزال جزءًا مهمًا من التقاليد الثقافية والروحية للعديد من الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم.
لذا مما سبق يتبين لنا أنّه يمكن إرجاع تاريخ تجارب الخروج من الجسد إلى عصور ما قبل التاريخ، إلى الفن والأدب القديم للشعوب البدائية، مما يشير إلى أن هذه الظاهرة كانت جزءًا من تاريخ البشرية لآلاف السنين. وقد صورت الثقافات المختلفة هذه التجارب بأشكال مختلفة، وغالبًا ما كانت ترتبط بالتجارب الروحية أو الدينية، كان البشر القدماء يعتقدون أن الشامان أو غيرهم من القادة الروحيين لديهم القدرة على إنتاج تجارب الخروج من الجسد بالإرادة، واعتبرت هذه التجارب أيضًا جزءًا من ممارسات الشفاء والعرافة وغيرها.
[1] "Shamanism." Encyclopedia Britannica. https://www.britannica.com/topic/shamanism [2] تتضمن الشامانية استخدام طقوس وممارسات معينة، مثل قرع الطبول والهتاف واستخدام المؤثرات العقلية للحث على حالات متغيرة من الوعي [3] Peake, A. (2016). The Out of Body Experience: The History and Science of Astral Travel. Watkins Publishing.
Kommentare