تاريخ تجارب الخروج من الجسد في البوذية

في البوذية

في البوذية، لا تعتبر تجارب الخروج من الجسد جانبًا مركزيًا من التقاليد، ولكن يتم التعرف عليها ومناقشتها في بعض النصوص البوذية.

في البوذية التبتية، على سبيل المثال، تمت مناقشة مفهوم "السفر النجمي" أو "الإسقاط النجمي" فيما يتعلق بالحالة الوسيطة بين الموت والبعث (المعروف باسم باردو). وفقًا لهذا الاعتقاد، يمكن أن ينتقل وعي المتوفى خارج جسمه المادي ويختبر عوالم وأبعادًا مختلفة، فكتاب التبت للموتى (The Tibetan Book of the Dead)[1]، المعروف أيضًا باسم باردو ثودول (Bardo Thodol)، ويعني حرفياً (التحرير عن طريق السمع في عالم ما بعد الموت)، وهو نص من القرن الثامن الميلادي يقدم إرشادات للأفراد خلال احتضارهم، وهو يقوم على التعاليم التي تم تناقلها شفهياً لأجيال ويتم قراءتها للمحتضرين لتزويدهم بمعاينة لما سيأتي في الحياة الآخرة وتحذيرهم من مخاطر الوقوع في شرك عوالم شبيهة بالأحلام يتم إنشاؤها من قبل عقولهم.

في البوذية التبتية، يشبه مفهوم "جسد باردو" (bardo body) المعتقدات المصرية واليونانية في الأجساد الخفية أو القرين (subtle double). يُعتقد أن جسد باردو هذا نسخة غير مرئية وأثيرية من الجسد المادي الذي له نظامه العصبي النفسي الخاص. يُعتقد أن جسد باردو قادر على السفر على الفور إلى أي مكان بمجرد الرغبة وتحديد الوجهة.

يُقال إن ميلاريبا (Milarepa)، وهو يوغي بوذي تبتي شهير من القرن الحادي عشر، كان لديه القدرة على الطيران والسفر إلى عوالم بعيدة بجسده الخفي. في إحدى الروايات، طار إلى العالم السماوي لـداكيني (dakini) (الآلهة الأنثوية في البوذية التبتية) لتلقي تعاليم منهم، قبل العودة إلى جسده المادي.

تم نقل المعرفة التبتية حول الإسقاط النجمي إلى أمريكا من قبل بول تويتشل (Paul Twitchell)، الذي أصبح أول خبير أمريكي فيما يسمى "الوعي الإلهي"[2] أو (ECK) في عام 1965. روج تويتشل لحركة تُعرف باسم إكنكار (Eckankar)، والتي تتضمن معرفة (ECK) وما يسميه أيضاً سفر الروح (Soul Travel) وهي مهارة تستخدم الإسقاط النجمي للوصول إلى عالم (ECK) من أجل مساعدة الناس خارج الجسد وإرشاد المتوفين حديثًا.

في حين أن بعض المعتقدات والممارسات الموصوفة في نص باردو ثودول، مثل الإسقاط النجمي وجسم باردو، قد لا تعتبر سائدة في البوذية، إلا أنها جزء لا يتجزأ من التقاليد البوذية التبتية ويجب فهمها ودراستها في هذا السياق. ولكن من المهم توضيح إنّ الهدف النهائي في البوذية هو تحقيق التنوير والتحرر من دورة الولادة والموت، ويتحقق ذلك من خلال تنمية الحكمة، والرحمة، وتنمية اليقظة، والوعي. على الرغم من أن تجارب الخروج من الجسد مثيرة للاهتمام من وجهة النظر البوذية، إلا أنه لا يُنظر إليها على أنها ضرورية للتقدم الروحي، ويتم تشجيع الأفراد السالكين للطريق البوذي على التركيز على تطوير الصفات الداخلية بدلاً من التجارب الخارجية.

[1] 1. D. Scott Rogo, “Astral Projection in Tibetan Buddhist Literature,”International Journal of Parapsychology 10 (1968): 277–84. [2] "وعي الإله" أو أعلى مستوى من الوعي الروحي يمكن للأفراد بلوغه. وفقًا لـ إكنكار، فإن هذا العالم هو مصدر كل الخلق وهو الهدف النهائي للتطور الروحي.