حقبة ما قبل التاريخ
على الرغم من أن السجل المكتوب أو الأدلة المتاحة من عصور ما قبل التاريخ محدودة، إلا أنه من المرجح أن تكون تجارب الخروج من الجسد أو الظواهر الشبيهة بها جزءًا من التجربة الإنسانية لفترة طويلة جدًا، فقد أشار العلماء إلى بعض الأدلة من الثقافات القديمة (العصر الحجري القديم الأوسط)، مثل لوحات الكهوف وغيرها من الأعمال الفنية، كدلالات محتملة على تجارب الخروج من الجسد أو تجارب مماثلة في عصور ما قبل التاريخ[1]، فغالبًا ما تصور لوحات الكهوف وغيرها من أشكال الفن القديم شخصيات ذات أبعاد مبالغ فيها أو مشوهة، والتي يمكن تفسيرها على أنها تمثيلات لـمشاهدات خلال تجارب خروج من الجسد أو غيرها من حالات الوعي المتغيرة[2]، بالإضافة إلى ذلك تصوّر الكثير من لوحات الكهوف القديمة والنقوش الصخرية شخصيات ذات سمات شبيهة بالطيور، والتي قد تمثل روح الشخص أو جسده الأثيري الذي يترك الجسد المادي[3]، وفي العديد من ثقافات السكان الأصليين، يُعتبر مفهوم "رحلة الروح" أو "
" موضوعًا مشتركًا في الأساطير والممارسات الروحية القديمة[4]. بالإضافة إلى ذلك، لعبت هذه التجارب دورًا في المعتقدات والممارسات الروحية لمجتمعات ما قبل التاريخ، فالدلائل تشير إلى أن البشر منذ العصور القديمة آمنوا بوجود عوالم أخرى، كما آمنوا بقدرة الأحياء على الوصول إليها من خلال بعض التجارب والوسائل كتجارب الخروج من الجسد، كما أنهم امتلكوا سلوكًا طائفيًا، وخاصة تزيين قبور الموتى، وهذا يعتبر من أهم الأدلة على الإيمان بالعوالم الأخرى[5] [6].
قد تشير هذه اللوحات والآثار الفنية والمعتقدات القديمة إلى أن الأشخاص في عصور ما قبل التاريخ كانت لديهم تجارب خروج من الجسد، أو أنهم فهموا وفسروا تجاربهم بطريقة مماثلة.
هذه التجارب قد تكون حصلت مرافقةً لحالات الدماغ الطبيعية، مثل تلك التي تحدث أثناء النوم أو التأمل، أو أنه تم تحفيزها من خلال استخدام المؤثرات العقلية (مثل بعض النباتات أو الفطريات)[7] أو من خلال ممارسة طقوس معينة كرقع الطبول أو الهتاف، أو قد تكون هذه الحالات يتم تحفيزها بسبب الظروف والبيئة التي كان يعيش فيها هؤلاء الأشخاص، على سبيل المثال رجح علماء آثار مثل ديفيد لويس ويليامز (David Lewis Williams) وجود علاقة بين صور الكهوف المظلمة التي سكنها البشر القدامى وحالات الوعي المتغيرة، وهي نفس الحالات التي تحصل خلالها تجارب الخروج من الجسد، حيث بيئة الكهف المظلمة جنبًا إلى جنب مع العزلة الممتدة عن العالم الخارجي والارتباك قد يؤدي إلى تغيرت حالات الوعي[8]، وأن المشاهدات خلال هذه التجارب كانت ملهمة لفن الكهوف القديم.
[1] Irwin, H. J. (2006). An introduction to parapsychology (5th ed.). Jefferson, NC: McFarland.
[2] Alvarado, C. S. (2000). Out-of-the-body experiences: An historical and contemporary perspective. In C. S. Alvarado (Ed.), Parapsychology: The science of unusual experience (pp. 3-25). London: Routledge.
[3] Winkelman, M. (2000). Shamanism: The Neural Ecology of Consciousness and Healing. Westport, CT: Bergin & Garvey.
[4] Harner, M. (1980). The Way of the Shaman. New York: Harper & Row.
[5] Henshilwood, C. S., d'Errico, F., Vanhaeren, M., van Niekerk, K. L., and Jacobi, R. (2002). Middle Stone Age shell beads from South Africa. Science, 295(5558), 1278-12
[6] Narr, Karl J.. "prehistoric religion". Encyclopedia Britannica, 14 Apr. 2021, https://www.britannica.com/topic/prehistoric-religion. Accessed 21 December 2022.
[7] Elisa Guerra-Doce (2015) Psychoactive Substances in Prehistoric Times: Examining the Archaeological Evidence, Time and Mind, 8:1, 91-112, DOI: 10.1080/1751696X.2014.993244
[8] ANE TODAY - 202109 - Altered States and Paleolithic Caves. (2021, September 27). American Society of Overseas Research (ASOR). https://www.asor.org/anetoday/2021/09/altered-states-paleolithic-caves/
Comments